Thursday, May 10, 2012

حوار في رواية مُترجمة، ما زالت قيد الترجمة - عن إزاي البلاد بتتباع بالحتّة

قال جيتاناس: "طلبنا من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي المساعدة. بما أنهم شجعونا على الخصخصة، ربما يهمهم أن دولتنا المخصخصة أصبحت منطقة من الأناركية، وأمراء الحرب المجرمين، ومزارع لا توفر الكفاف. للأسف ينظر صندوق النقد الدولي في شكاوى الدول العميلة لديه المفلسة من واقع إجمالي الدخل القومي للدولة. ليتوانيا كانت تحتل المرتبة السادسة والعشرين يوم الاثنين الماضي، في القائمة. الآن نحن في المرتبة الثامنة والعشرين. باراجواي سبقتنا. دائماً ما تسبقنا باراجواي".
قال شيب: "أخ".
"باراجواي لسبب ما هي سبب شقائي".
قالت إدين: "قلت لك يا جيتاناس إن شيب مدهش. لكن اسمع..."
"صندوق النقد الدولي يقول إنه يتوقع أن تمر فترة ست وثلاثون شهراً قبل أن تبدأ خطة إنقاذنا!"
جلست إدين بعنف على مقعدها: "هل يمكن أن ننهي المناقشة سريعاً؟"
أظهر جيتاناس لشيب ورقة من حقيبته. "أترى؟ هذه ورقة من الإنترنت، وثيقة من وزارة الخارجية الأمريكية، مكتب الشؤون الأوروبية والكندية.. مكتوب هنا: الاقتصاد الليتواني مصاب بكساد ضخم، البطالة تبلغ عشرين في المائة تقريباً، الكهرباء والمياه تنقطع في فيلنيوس، وهي نادرة في الأماكن الأخرى. من هو المستثمر الذي سيضخ أموالاً في بلد كهذا؟"
قال شيب: "رجل أعمال ليتواني؟"
"نعم، اضحكتني".. نظر إليه جيتاناس نظرة تقدير.. "لكن ماذا لو كنا بحاجة لشيء مختلف على صفحة الإنترنت هذه والصفحات الشبيهة بها؟ ماذا لو حذفنا المكتوب هنا ووضعنا مكانه، بلغة إنجليزية أمريكية سليمة، أن بلدنا هرب من الوباء المالي الروسي؟ كأن نقول مثلاً إن معدل التضخم الليتواني يبلغ حالياً ستة في المائة، وأن نصيب الفرد الليتواني من احتياطي الدولار يعادل نصيب الألماني، وأن فائض التجارة يقارب المائة مليون دولار، بسبب استمرار الطلب القوي على الموارد الطبيعية الليتوانية!".
قالت إدين: "شيب، ستكون ممتازاً في هذا الدور".
قرر شيب في هدوء وثبات ألا ينظر إلى إدين أو يقول لها كلمة واحدة طالما هو حي.
سأل جيتاناس: "ما هي الموارد الطبيعية الليتوانية؟"
قال جيتاناس: "الرمال والحصى بالأساس".
"احتياطيات مهولة من الرمال والحصى. حسن".
قال جيتاناس وهو يغلق الحقيبة: "الرمال والحصى بوفرة. لكن، ها هو اختبار صغير لك: لماذا هذا الطلب غير المسبوق على هذه الموارد العجيبة؟"
"ازدهار مفاجئ في الإنشاءات في لاتفيا وفنلندا القريبتين؟ في لاتفيا الفقيرة في الرمال؟ في فنلندا التي يغيب عنها الحصى؟"
"وكيف أفلتت هاتان الدولتان من الانهيار الاقتصادي العالمي؟"
"لاتفيا عندها مؤسسات ديمقراطية قوية مستقرة. وهي عصب مالي قوي لدول البلطيق. فنلندا تضع قيوداً مشددة على رأس المال الأجنبي قصير الأجل، ونجحت في إنقاذ صناعة الأثاث الفنلندية ذائعة الصيت على مستوى العالم".
أومأ الليتواني برأسه، والسرور ظاهر على وجهه. ضربت إدين مكتبها بقبضتيها وقالت: "يا ربي يا جيتاناس، شيب عبقري! إنه يستحق مكافأة إضافية عند توقيع العقد، وإسكان درجة أولى في فيلنيوس وبدل وجبات بالدولار".
قال شيب: "فيلنيوس؟"
قال جيتاناس: "نعم، نحن نبيع وطناً. نريد زبوناً أمريكياً راضياً عن الأداء داخل الوطن. كما أن العمل على الإنترنت من هناك أكثر أماناً بكثير".
ضحك شيب: "هل تتوقع فعلاً أن يرسل لك مستثمرون أمريكان النقود؟ على أي أساس؟ بسبب نقص الرمال في لاتفيا؟"
قال جيتاناس: "إنهم يرسلون النقود بالفعل على أساس مزحة صغيرة لعبتها عليهم. ولا حتى الرمل والحصى، بل مجرد مزحة صغيرة. عشرات الآلاف من الدولارات بالفعل. لكن أريد منهم إرسال الملايين".
قالت إدين: "جيتاناس يا عزيزي، هذه هي اللحظة المناسبة. لن تجد موقفاً أكثر ملائمة لتصعد سريعاً. في كل مرة يضاعف شيب لك أرباحك، لابد أن تعطيه علاوة إضافية. صح؟ صح؟"
"إذا رأيت زيادة بقدر مائة ضعف في الأرباح، ثقي بي، سوف يصبح شيب رجلاً ثرياً".
"لكنني أقول: لم لا نجعل هذا الاتفاق كتابياً؟"
نظر جيتاناس في عين شيب، وأعلمه في صمت برأيه في مضيفتهما: "إدين، في هذه الورقة، ماذا سنكتب على سبيل وظيفة شيب؟ استشاري تزوير تحويلات نقدية دولي؟ مساعد متآمر أول؟"
قال شيب: "نائب رئيس هيئة التحريف عمداً".
صرخت إدين في استمتاع: "مسمى رائع!"
قالت أبريل: "انظري يا ماما".
قال جيتاناس: "اتفاقنا شفهي بالأساس".
قالت إدين: "بالطبع، لا شيء غير قانوني بالمرة فيما تفعلونه".
أجاب جيتاناس سؤالها بأن نظر إلى النافذة طويلاً. كان يبدو بالجاكيت الأحمر الجلدي المضلع كسائق موتوسيكلات سباق. قال: "بالطبع لا".
قالت إدين: "إذن ليس هذا احتيالاً في التحويلات النقدية".
"لا لا، احتيال وتحويلات؟ لا".
"لا أريد أن أبدو خائفة أو أي شيء، لكن ما سمعته هو الأقرب للاحتيال من أجل الحصول على تحويلات نقدية.
قال جيتاناس: "أصول بلدي جمعاء اختفت في بلدكم بكل يسر وسرعة. هناك دولة قوية غنية وضعت القواعد التي يموت بها الليتوانيون. لماذا أحترم هذه القواعد؟"
قال شيب: "هذا سؤال جدير بأن يناقشه فوكو بالضرورة".
قالت إدين: "هو أيضاً سؤال جدير بروبن هود. وهو ما لا يطمئنني على الصعيد القانوني".
"أنا أعرض على شيب خمسمائة دولار أسبوعياً، ومكافآت إضافية بالشكل الذي أراه. شيب، هل أنت مهتم؟"
قال شيب: "يمكنني جني نقود أفضل هنا".
قالت إدين: "فلتكن ألف يومياً على الأقل".
"الدولار يشتري الكثير في فيلنيوس".
قالت إدين: "أنا واثقة من هذا، وهو يشتري أكثر بكثير على القمر أيضاً. ماذا هناك للشراء؟"
قال جيتاناس: "شيب، قل لإدين إن الدولارات قادرة على شراء الأوطان الفقيرة".
قال شيب: "أعتقد أنكم تأكلون وتشربون جيداً".
"دولة نشأ جيلها الشاب في حالة من الأناركية الأخلاقية، والجوع".
"ربما ليس صعباً أن تجد فتاة رائعة تليق بك، إن كان هذا ما تقصده".
قال جيتاناس: "إن لم يفطر هذا فؤادك، أن ترى فتاة عذبة صغيرة من الضواحي تنكب على ركبتيها لـ..."
قالت إدين: "أخ! يا جيتاناس، هناك طفلة في الحجرة".
قالت أبريل: "أنا في جزيرة. ماما، أنظري إلى جزيرتي".
قال جيتاناس: "أنا أتحدث عن الأطفال. في الخامسة عشرة من العمر. هل معك دولارات؟ قد يصل السن إلى ثلاثة عشرة أو اثنتي عشرة سنة".
قال شيب: "اثنتي عشرة سنة ليس من المغريات بالنسبة لي".
"تفضل تسعة عشرة؟ تسعة عشرة أرخص".
قالت إدين وهي تصفق بيديها: "هذا بصراحة، إمم".
"أريد أن يفهم شيب لماذا يعتبر الدولار نقوداً كثيرة. لماذا يعتبر عرضي الذي أقدمه له عرضاً جيداً".
قال شيب: "مشكلتي أنني سأسدد ديوناً أمريكية بهذه الدولارات".
"صدقني نحن نعرف هذه المشكلة جيداً في ليتوانيا".
قالت إدين: "شيب يريد راتباً أساسياً بمقدار ألف دولار يومياً، بالإضافة إلى حوافز بحسب الأداء".
قال جيتاناس: "ألف دولار أسبوعياً. حتى أثبت جدية مشروعي. مقابل العمل الإبداعي.. لطمأنة المتصلين".
قالت إدين: "واحد في المائة من إجمالي الربح. بالإضافة إلى راتبه، عشرون ألف دولار شهرياً".
أمسك جيتاناس وهو يتجاهلها بمظروف سميك أخرجه من الجاكيت، وبدأ يعد بأصابعه طويلة الأظافر أوراق بنكنوت، كل ورقة بمائة دولار. جلست أبريل القرفصاء على رقعة الورق البيضاء، محاطة بوحوش خرافيين من شخبطات بعدة ألوان. ألقى جيتاناس كومة المئات على مكتب إدين. قال: "ثلاثة آلاف، الأسابيع الثلاثة الأولى".
قالت إدين: "ويحصل أيضاً على تذاكر طيران درجة أولى بالطبع".
"نعم، لا بأس".
"وإقامة درجة أولى في فيلنيوس".
"هناك حجرة في الفيلا، بسيطة".
"وتحميه من أمراء الحرب المجرمين أيضاً؟"
قال جيتاناس بابتسامة متعبة خجولة: "ربما كنت أمير حرب مجرم، إلى حد ما".

No comments: